الأحد، 14 ديسمبر 2014

علم النفس الفسيولوجى

علم النفس الفسيولوجى:
        هو ذلك العلم الذي يبحث بدقة بالغة في طبيعة العلاقات الارتباطية المتداخلة بين المظاهر والمتغيرات النفسية من جانب والمظاهر والمتغيرات الفسيولوجيه التي تصاحبها من جانب آخر . وتتمثل نقطة البداية في الخصائص والمتغيرات النفسية لأشخاص ذوى علامات فسيولوجية محدودة مثل إصابات المخ حيث يبدأ الباحث بأفراد لهم طبيعة فسيولوجية محددة مسبقا ( تغيرات مستقلة ) . 

http://2.bp.blogspot.com/-8iisbS8PfsA/UloFQ4jH6KI/AAAAAAAAAZw/7pwiZk7J5vg/s1600/%D8%B9.PNG 


1- مباحث علم النفس الفسيولوجى :
         أن تحديد موضوع دراسة أي علم من العلوم يعتمد على أساليب رصد الظواهر المعنية بهذا العلم ، ومن عرضنا المختصر لبعض ملامح تاريخ علم النفس الفسيولوجى ، يمكننا ملاحظة التطور الحتمى للأفكار والأساليب المنهجية التى اقتضت حتما امتزاج العديد من المباحث العلمية لمختلف فروع العلم ويمكننا تقسيم اهتمامات الباحثين فى مجال علم النفس الفسيولوجى الى ثلاثة مباحث متداخلة : فبينما ذهب فريق يبحث عن الخصائص والمؤشرات إن الإشارات الفسيولوجيه  التى تصاحب استقبال مثيرات العالم الخارج أو تغيرات الحالة الوظيفية للجهاز العصبي ، مثل تغير معدل ضربات القلب إن نشاط العضلات الكهربي أو تغير ضغط الدم كنتيجة لتعرض الأفراد لمواقف تثير حالة القلق أو الانفعال ، نجد فريقا آخر قد اهتم بصورة واضحة بتتبع العمليات العصبية الفسيولوجية المتتالية التى تكمن وراء فعل محدد وهؤلاء يبحثون بعمق الميكانيزمات العصبية والكيميائية الفسيولوجية التى تحدد مسار استقبال مثيرات العالم الخارجي حتى نهاية إصدار الفعل مثل ميكانيزمات الرؤية والسمع والشم والانتباه والتعلم والذاكرة…الخ .أما الفريق الثالث فقد اختار لنفسه البحث عن التطبيقات العلمية لنتائج البحوث السيكوفسيولوحية سواء فى مجال العلاج النفسي كما هو الحال فى استخدام أجهزة العائد البيولوجي Biofeed back  أو في الكشف عن الكذب باستخدام أجهزة كشف الكذب ، أو الاختبارات السيكوفسيولوجية فى الانتقاء المهني .

2- أهمية علم النفس الفسيولوجى :                                  
     والقول القديم المأثور عن علاقة النفس بالجسم يذكرنا بتحذير مفيد :"إذا لم يشتك الإنسان شكت أعضاؤه" فكثير من التغيرات الجسمية والفسيولوجية تحدث كنتيجة مباشرة للضغوط النفسية التى يعيشها الفرد الإنساني في عالم دائم التغير .

      وإذا كان أهل علم النفس البحت قد تباينوا فى تيارين : أحدهما ينادى بتجزيء السلوك الكلى الى وحداته الأساسية والثاني يهتم بدراسة الإنسان كوحدة كلية فريدة من نوعها نجد أيضا أن دراسة السلوك من المدخل الفسيولوجى قد تتم على مستوى وظائف أجزاءه أو أجهزة محددة من حسم الإنسان أو قد يتناول دراسته بصورة متكاملة تتطلب تعاون فريق هائل من العلماء فى شتى فروع العلم ولو قارنا بين الإنسان والحاسب الآلي من اجل التشبيه والتوضيح فقط من حيث إمكانية التحكم والاستفادة من كليهما على النحو التالي :

         نفترض أن الشخص (ا) يستطيع فقط أن يقوم بتشغيل الحاسب الآلي باستخدام برنامج محدد ،بينما يستطيع الشخص (ب) بالإضافة إلى التشغيل أن يعرف تركيب ووظيفة كل جزء من أجزاء الحاسب وطريقة وضع البرامج . فمن منهما اكثر قدرة على الاستفادة منه من ناحية التحكم فى وظائفة وإمكاناته ؟ لاشك أن الشخص (ب) هو الأفضل .

      وعلى هذا الأساس نجد أن المعلم أو الأخصائي النفسي الذي يدرس بناء الإنسان وأجهزته العصبية والتشريحية مع معرفة وظائف كل منها من الناحية النفسية هو الأقدر بلا شك على تنمية السلوك وضبطه والتحكم في حدود إمكانات النتائج والمعلومات المتاحة عن الإنسان كما ظهرت فى الأعوام الأخيرة دراسات تحاول تسجيل اكثر من 25 متغيرا ينفرد كل منها بوظيفة جهاز فرعى محدد بجسم الإنسان في نفس الوقت واللحظة الذي يتعرض فيها الفرد لاثر موقف معين قابل للقياس السيكومترى أو الفيزيقي .

       وقد يأتي ذلك اليوم الذي تسمع فيه عن التوصل الى جهاز فيديو متطور يستقبل إشارات كهربية عما يدور فى المخ ليلا لنشاهد فى صباح اليوم التالي تسجيل بالصوت والصورة والألوان لأحلامنا أو ما يتم داخل ذلك الكون الفسيح الذي نسميه المخ Brain .

ولقد قال الشاعر عن الإنسان :

ويزعمون انك جرم صغير     وقد انطوى فبك العالم الكبير

 علم نفس فسيولوجى أم فسيولوجيا نفسية ؟
      يعتبر عالم النفس الشهير فونت Wundt أول من أطلق تسمية "علم النفس الفسيولوجى" على الظواهر النفس فسيولوجية عندما أسس معمله السيكولوجى فى لينبرج سنة 1879عندما ازداد الاهتمام من السيكولوجيين والفسيولوجيين بالظواهر التى تقع فى منطقة التداخل بين علم السيكولوجيا وعلم الفسيولوجيا ظهرت اتجاهات تنادى بعلم السيكوفسيولوجيا تميزا له عن علم النفس الفسيولوجى .

       والمدقق فى بحوث واهتمامات كلا العلمين يجد انهما يبحثان بدقة بالغة فى طبيعة العلاقات الإرتباطيه المتداخلة بين المظاهر والمتغيرات النفسية من جانب والمظاهر والمتغيرات الفسيولوجية من جانب آخر ، فإذا تمثلت نقطة البداية فى الخصائص والمتغيرات النفسية لأشخاص ذوى علامات فسيولوجية عصبية محددة مثل إصابات المخ أو استثارته أو وضع الفرد تحت اثر الأدوية ، سمى بعلم النفس الفسيولوجى حيث يبدأ الباحث بإفراد لهم طبيعة فسيولوجيه محددة سابقا(متغيرات مستقلة) ولكن إذا قام الباحث بتسجيل المؤشرات والقيم الفسيولوجية المختلفة كمتغيرات تابعة لاثر نفسي محدد كالتعرض لموقف القلق أو الخوف أو لمعلومات معرفية كما تظهر فى تجارب اليقظة والانتباه كمتغيرات مستقلة أطلق عليه في هذه الحالة بالسيكوفسيولوجيا . فمن الواضح إذا أن كلا الفرعين يبحثان فى طبيعة العلاقة بين المتغيرات النفسية القابلة للقياس أو الضبط والمتغيرات الفسيولوجية التى يستطيع الباحث تسجيلها او تتبعها .

      فلا شك أن هؤلاء الذين تخصصوا بعمق في علم النفس يعتبرون المتغيرات الفسيولوجية طبقا لمقتضيات الظاهرة- متغيرات مستقلة على حين نجد أن المتخصصين فى الفسيولوجيا سوف يبدءون بالمتغيرات النفسية كمتغيرات مستقلة ، ويذكر احمد عكاشة سنة1975 ص20 "عندما أسس فونت معمله السيكولوجى ……… كانت كل التجارب التى أجريت فيه تجارب فى علم النفس الفسيولوجى بحيث اصبح علم النفس التجريبي وعلم النفس الفسيولوجى اسمين لمسمى واحد"  .

      وفى ضوء التقدم التكنولوجي والإعداد العلم لدارس السيكولوجيا ةالفسيولوجيا الذي اصبح يؤثر كل منهم في الأخر ، نجد أن مقتضيات دراسة الظاهرة والفائدة التطبيقية هى التى تملى على الباحث تحديد المتغيرات التجريبية المستقلة والتابعة، والجدير بالذكر أن مؤلف هذا الكتاب قد حامل الجمع بين المدخلين فى دراساته وبحوثه التى تناول فيها طبيعة العلاقة المتداخلة بين المتغيرات النفسية (تركيز الانتباه- درجات القلق ا لتحكم الذات الشخصية) والمتغيرات الفسيولوجية (قيم ذبذبات رسم المخ EEG- استجابة الجلد الجلفانيه GSR- قيم نشاط العضلات EMG) .

      مما تقدم يتضح أن موضوع علم النفس الفسيولوجى او السيكوفسيولوجيا إنما يركز على التأثيرات المتبادلة بين النفس والجسم معا . وعلى الرغم من اختلاف طبيعة علم النفس البحت عن علم الفسيولوجيا البحت فان المدخل الفسيولوجى يساعدنا كثيرا فى فهم وبناء وعمل وظائف جسم الإنسان المرتبطة بالمخرجات النفسية سلوك وأداء أفكار ومشاعر .

      فلو بدأنا بعملية الإحساسSensation على أنها ابسط واهم العمليات النفسيه على الإطلاق لوجدنا أنها تمثل بؤرة الالتقاء بوضوح تام بين السيكولوجيا والفسيولوجيا وقد حدد وبير وفيخنر القوانين الأساسية لدراسة الإحساس والعتبات الفارقه وزمن الرجع وما تمخض عنها من تطبيقات عديدة فالمدخلات الحسية كطاقة فيريفية تنتقل من خلال الأعصاب الحسية والمستقبلات فى الحواس  الأساسية إلى المراكز العصبية العليا حيث يتم ترجمة الشفرة العصبية وإدراك الشيء المحسوس فلكل حاسة عضو مسؤل عنها له تركيب دقيق من الناحية العضلية والعصبية والتكوينية ، ومن ثم فان وظائف الحواس لا يمكن أن تتم بدون الإشارات العصبية الفسيولوجية ، ولما كان الإحساس كعملية نفسية هو المادة الخام التى يتم معالجتها بعمليات الإدراك فان نشاط وارتباط المراكز العصبية العليا بالقشرة المخية يمثل الأساس الفسيولوجى لعمليات الإدراك والتخيل والتذكر والتفكير ومن هنا اهتمت الدراسات السيكوفسيولوجية بعمليات الدماغ المرتبطة بالعمليات العقلية العليا او ما يعرف بالنشاط العصبي الراقي (الإدراك والتخيل والتفكير والتذكر) .

     وتظل أحد القضايا الأساسية التى يناقشها علم النفس الفسيولوجى او السيكوفسيولوجى تنحصر فى البحث عن المؤشرات الفسيولوجية او العمليات العصبية التى هى دالة وظيفية لحالة الفرد النفسية وخصائصه الشخصية والحركية .

      لذلك فقد امتد نشاط البحوث السيكوفسيولوجية للعديد من ميادين علم النفس : الشخصية والأنماط المزاجية ،الأمراض النفسية ، ميكانيزمات التعلم  التذكر ففي العشر سنوات الماضية جذبت نظرية تشغيل المعلومات فى المخ اهتمامات البحث النفس  فسيولوجى ، كما أن ظهور علوم الحاسبات الآلية المتقدمة قد فتح آفاق جديدة حول عرض نمازج المعلومات والذكاء الصناعي artificial intelligence.

      فعلم النفس الفسيولوجى لم يترك ظاهرة نفسية إلا وحاول أن يرتبط بها سواء على المستوى الجزيئى الكيميائي كما هو الحال فى حالة تتبع اثر الهرمونات على السلوك الشخصية ، او على مستوى وظائف أجزاء محددة من الجهاز العصبي كما هو الحال فى الكشف عن علاقة الجهاز العصبى الطرفي بالمخ Limbic system بظواهر التعلم والانفعال كما كشف عن الدور الهام الذي يلعبه حصان البحر Hippocampus فى عملية الذاكرة .

      مستويات دراسة السلوك الانساني:
الانسان نظام كلي متكامل يمارس حياته الثقافية والاجتماعية ويعتير المستوى الاجتماعي هو أعمق وأصعب المستويات التي تواجه الباحثين في الرصد والتحليل والضبط والتنبؤ وهو ما يتضح في الشكل رقم (أ) : مستوى التفاعل الاجتماعي، وننتقل من ذلك المستوى إلى دراسة السلوك الانساني على مستوى الأعضاء، حيث نجد أن المخ هو عضو النشاط النفسي على الاطلاق لأنه هو الذي يتعلم. والتعلم هو الأداة الرئيسية لبرمجة القشرة المخية، فإذا كان المخ هو الذي يمثل أهم جزء في العتاد البيولوجي Bio-Ware (مع ضرورة المنظومة الحسية والمنظومة الحركية)، فإن التعلم هو المنظومة الرئيسية لادخال البرمجيات النفسية Psycho-Ware ، وتشترك جميع الفروع الخاصة بعلوم المخ والأعصاب والرنين المغناطيسي والكيمياء الحيوية والحاسبات الآلية والشبكات العصبية في دراسة أسرار تعلم المخ البشري كما سوف يتضح من فصول المقرر.


 

في السنوات العشر الأخيرة ازدات البحوث التي تهتم بدراسة السلوك على مستوى الدوائر العصبية المخية في دراسة عمليات التعلم والذاكرة، وقوس الانعكاس Reflex arch هو أوضح مثال لأبسط الدوائر العصبية، كما يتضح من الشكل رقم (ب)، وهذا الشكل يوضح انعكاس الركبة Knee Jerk ، وعندما نتنقل إلى مستوى الخلية العصبية وهي الأصل مع محاور الخلايا في تكوين الدوائر العصبية نجد أن العديد من الباحثين قد أولوا اهتماهم بدراسة السلوك عند مستوى الأثير على نشاط الخلية العصبية: استثارة Excitation، كف Inhibition، والتدريب الذي يؤدي إلى تكوين واعادة تشكيل نشاط تلك الخلايا. ويرتبط بذلك المستوى دراسة السلوك عند التدخل في نشاط الوصلات العصبية Synapses والبعض يطلق عليها المشتبك العصبي، ويعتبر ادوارد لي ثورنديك أول من وضع نظرية لتفسير التعلم على أساس الوصلات العصبية، وجدير بالذكر أن جميع البحوث المعاصرة تؤكد حدوث تغيرات نوعية تشريحية في الوصلات العصبية تحت تأثير التدريب والتعلم.








شكل رقم (ب)
 
       وقد ذهب بعض علماء الكيمياء الحيوية والمتخصصين في الكيمياء الجزيئية إلى دراسة السلوك على مستوى نشاط الجزئيات التي تعمل بها الخلايا العصبية، وهذا المستوى البالغ في الصغر والدقة هو الذي يعرف بالمستوى الدقيق Micro level وبين ذلك المستوى والمستوى الماكرو Macro level يوجد متصل متعدد لدراسة السلوك الانساني، ومن ثم فإن علم النفس الفسيولوجي (علم النفس التجريبي) هو المحور الرئيسي لالتقاء وامتزاج مختلف فروع المعرفة العلمية.   


الذاكرة

 

http://www.altawhid.org/wp-content/uploads/2011/07/553.jpg

 

تعريف الذاكرة :

      لا تعتبر الذاكرة من وجهة نظر علم النفس قدرة نفسية بمعني أنها خاصية أو وظيفة مباشرة للنفس بحيث يمكن دراستها بالأسلوب الفلسفي الإستنباطي ، بيد أن مصطلح الذاكرة يتيح الحديث عن الوحدة الترابطية البنائية للعديد من الأنشطة التي تعكس في أصولها كلا العمليات البيوفسيولوجية من جانب و العمليات النفسية من جانب آخر ، ويتوقف مدي تحقيق تلك العمليات في لحظة ما علي مدي التقارب أو الإبتعاد الزماني للأحداث المكونة للذاكرة .

      ويتضمن نشأة أي فعل للذاكرة في ذاته ثلاث أطوار أو مراحل رئيسيه هي :

 

1- مرحلة التعلم :

        حيث يقوم الفرد فيها بعملية طبع مادة محددة طبقا لمقتضيات الموقف . وقد تؤدي تلك المرحلة إلي فعل إدراكي سريع او نشاط علي درجة من الصعوبة يتطلب التكرار و الممارسة حتي يتم إستيعاب المادة موضوع التعلم .

 

2- مرحلة تخزين المعلومات :

     وهنا نتحدث عن مدى الفترة الزمنية التي يمكن أن يحتفظ الفرد خلالها بالمادة المتعلمة التي قد تضيق لتوصف بأنها ذاكرة قصيرة المدى. أو قد يمتد بقاؤها تحت شروط خاصة لتوصف بأنها ذاكرة طويلة المدى .

3- مرحلة الاستخدلم الواقعي للذاكرة :

     وفي هذه المرحلة يمكن عن طريق العمليات التذكرية ( التعرف – الإسترجاع – إعادة التعلم ) استخدام ما تم استيعابة في شكل مخرجات قد تكون لفظية أو صوتية أو بصرية أو حركية أو بشكل يجمع بين ذلك كله .

     موضوع علم النفس في دراسته للذاكرة بالأسلوب العلمي التجريبي ينصب أساسا علي المرحلة الأولي و المرحلة الثالثة ، أما عن المرحلة الثانية فإن علم النفس يمكنه بدقة وموضوعية أن يدرسها من خلال العمليات التذكرية والتي تمثل أساليب قياس الذاكرة. وسوف نتحدث عنها في الصفحات التالية .

      ولما كانت أولي مراحل الذاكرة تهتم بتعلم المادة بأي صورة من صور المعلومات ( شمية – حسية – بصرية – سمعية – أشكال – ألفاظ – رموز –علاقات ) فإن مفهوم المعلومات التي تمارس علي الذاكرة يحتل مكانة خاصة بالنسبة لأبحاثها ودراساتها فما هي المعلومات ؟

      منذ أن تكون الزيجوت في رحم الأم ثم نما حتي صار طفلا كاملا بعد تسعة شهور وهو يبدأ في استقبال المعلومات لماذا؟ لأنه أصبح يمتلك جهازا عصبيا راقيا فهو يشعر بالدفء و الحرارة وما أن يخرج إلي العالم ويبدأ استقبال معلومات أخرى بجانب السمع والأحساس و هي المعلومات البصرية وقد يبكي لوجوده في رائحة كريهة وهو يحب ثدي الأم لاستمتاعه بتذوق اللبن وجميع ذلك يحمل في طياته أخبار عن العالم الذي يحيا فيه فالمعلومات إذن هي صورة الطاقة أو شكل من أشكال المادة و العلاقة حتمية بين المادة و الطاقة فالأذن تستقبل المعلومات السمعية في شكل ذبذبات خاصة وهكذا الحال بالنسبة للعين والجلد والحواس الأخري فجميعها يستقبل شكل معين للمادة أو الطاقة أين تذهب هذه المعلومات؟ إنها تذهب إلي الذاكرة ، وعلية فإن المعلومات عبارة عن نوع ما من المادة أو الطاقة توضع في الذاكرة ثم يتم استرجاعها من الذاكرة بعد فترة . وماذا نعني بأن التلميذ قد استذكر وتذكر مقطوعات شعرية أو كلمة كرسي أو كلمة راديو …ألخ .

بالتأكيد عندما يقول كلمة كرسي يعبر بها عن ذلك البناء للشيء الخارجي الذي يستخدم للجلوس ، إذن فكلمة كرسي تعكس تركيب ووظيفة الكرسي كما أن كلمة قلم تعكس تركيب ووظيفة القلم وهكذا الحال بالنسبة لمختلف أنواع المعلومات ونخلص من ذلك بتعريف أخر للمعلومات هو :
المعلومات عبارة عن نوع ما من الأخبار عن أي نظام ، بناؤه ، وظيفته والتي يمكن وصفها من خلال النموذج ، وما هو النموذج ؟ عندما نتحدث عن نموذج الموتور فأننا نقدم نظاما يوضح تشغيل عمل الموتور ، وعندما نتحدث عن نموذج بوهر للذرة فإننا نقصد نظام بناء الذرة كما تصورة بوهر ، وعندما يصعب علينا فهم عملية تكرير البترول فإننا نلجأ إلي نموذج يوضح لنا مراحل تكرير البترول وتحليله إلي مشتقاته المختلفة. إذن فالنموذج هو عبارة عن نظام له بناؤه ووظائفه التي تعكس بناء ووظيفة النظام الحقيقي الأصلي فعادة يعتبر النموذج تصور تقريبي لنظام البناء الأصلي والوظائف الأساسية. فالعين الصناعية نموذج يعكس بناء ووظيفة العين الأصلية الإنسانية. فهل هناك نموذج يوضح بناء ووظيفة الذاكرة ؟ هل يمكن تمثيل الذاكرة من خلال نموذج ؟ تماما كما أمكن دراسة وفهم الذرة و النواة من خلال النماذج الإفتراضية .
      وبما إننا بادئ ذي بدء نتعرف علي العالم من خلال الحواس فإن أول ما نستقبله من معلومات يعتبر حسي فيزيقي ليدخل إلي المخ عن طريق الجهاز العصبي ومن خلال التعلم تتحول تلك المعلومات الحسية إلي صور و أشكال مختلفة وعلاقات متباينة بفضل اللغة والإدراك و التخيل لنحصل علي أنواع مختلفة للذاكرة فما هي أهم أنواع الذاكرة ؟

http://romoh.me/wp-content/uploads/2009/07/memory_bubble3.jpg

أنواع الذاكرة :                                    
      وينتج عن إختلاف المعلومات في الصورة التي تستعمل بها وكذلك في شكل تخزينها بالمكونات العصبية الدماغية إختلاف في أنواع الذاكرة الذي يرتبط بشكل أو آخر من صور المعلومات وطبقا لخصائص تخزين وإبقاء المعلومات بالذاكرة يمكن تمييز الأنواع الأساسية الأتية :

1- الذاكرة التي تقوم علي أساس الصورة البصرية : Visual Memory
      وفي هذا النوع تقدم عملية طبع وتسجيل المعلومات بالذاكرة المرتبطة بنظام الإشارة الأول السمعي ، البصري ،والحس والتخيلات الأخري ، فتذكر التمرينات الرياضية يقوم علي تكامل الصورة البصرية للتمرينات ككل.
      ولهذا النوع من الذاكرة أهمية خاصة في النشاط الإبتكاري والإبداع الفني ويظهر دور المربي والأم في مدى تنظيم ما يقدم إلي الطفل من معلومات بصرية بحيث لا يؤدي إلي الإرتباك في استقبال المعلومات فكلما كانت المعلومات البصرية منظمة و مرتبة من البسيط إلي المعقد و التسلسل في تقديم الأشكال بدءا بالخط المستقيم ثم المنحني ثم الدائرة ثم المربع ثم الأشكال الأكثر تعقيدا. كما تتضح أهمية الذاكرة البصرية في تحويل المعلومات اللفظية في شتي مواد الدراسة إلي جداول في أشكال مختلفة حيث يساعد ذلك علي تنظيم عملية التذكر .

2- الذاكرة اللفظية المنطقية Logical Verbal Memory 
      وفي هذا النوع يحدث أن الفرد يتذكر تلك الألفاظ ذات المعني الذي ينعكس علي جوهر الأشياء و الظاهرة المراد تذكرها حيث تعتمد الذاكرة علي إدراك العلاقات المنطقية بين عناصر المادة المتعلقة. فالأمر لا يرتبط فقط بالشكل البصري فتذكر تكافؤ العنصر علي فهم قانون توزيع الإلكترونات في المدارات حول الذرة وليس فقط علي تخيل الشكل البصري للذرة وما يدور حولها .

3- الذاكرة الحركية Working Model Memory
      ويحتوي هذا النوع علي شكل المادة المتعلمة فيمكن تصور الحركة المنتظمة لنقطة مادية لها سرعة محددة كذلك يمكن تذكر خصائص الموجات بمعرفة مفهومي التردد و السعة حيث يتصور الفرد شكل النقطة المادية طبقا لحركة خاصة يمكن أن تعطي قوانين الحركة التوافقية البسيطة وعند تذكر تفاعل كيميائي محدد يتخيل الفرد الحركة التي تحدث عند ذرات من المجاميع الفعالة أو استبدالها بذرات عنصر أخر ، فالفرد يتذكر الصيغة الكيميائية طبقا لقواعد منطقية ويدعمها بتصور حركة محتوي المركب ليتذكر الفرد تركيب سكر الفركتوز والسكروز. ولهذه الذاكرة أهمية خاصة في معرفة قوانين الفيزياء و الميكانيكا .

4- الذاكرة الإنفعالية Emotional Memory
      ولما كان القرديمر بخبرات خاصة ترتبط بالتنظيم الإنفعالي له فإن هذا التنظيم يلعب دورا هاما في تذكر الأشياء و المعلومات ذات الصيغة الإنفعالية فيما يعرف بالذاكرة الأنفعالية للفرد ومحتواها ينحصر في تلك الحالات الإنفعالية التي تحتل مكانا هاما في خبرة الفرد السابقة في أن تطفوا أو تظهر لإي الذاكرة إحساس الفرد بعدم الإتزان أو الضيق أو حتي بعض علامات الخوف المرتبطة بمرور الفرد في خبرات أولية سواء كانت صعبة أو ممكنة .
      والذاكرة الانفعالية بجانب أهميتها البالغة في بعض أنواع النشاط أو السرور أو البؤس فإنها تعتبر التابع أو الصديق الدائم لكل إنسان مثل حياه الممثل الذي يستطيع تقمص الحالة الانفعالية للغضب فأظهرت الأبحاث الأثر البالغ للجوانب الانفعالية التي يتذكرها الإنسان في أي فعل أو عمل يقوم به وقوة الأثر تتوقف علي ثراء أو اشباع تلك الذاكرة الانفعالية وكذلك مدى ثباتها ومحتوى الخبرة الانفعالية ونوعياتها التي تم اختزانها في الذاكرة كذلك فإن العلاج النفسي بدون معرفة محتوي الذاكرة الانفعالية في أي نشاط يقوم به الفرد .

http://www.dw.de/image/0,,900914_4,00.jpg

طريقة ترابط المعلومات في الذاكرة :
      يؤدي الإختلاف في نوع المعلومات الحسية التي يستقبلها الإنسان إلي إختلاف أنظمة الذاكرة من جانب وإختلاف أنماط الذاكرة من جانب أخر ، وقد تعرضت فيما سبق لأنواع الذاكرة المختلفة والتي تظهر أساسا كنتيجة مباشرة لتشكيل وتوظيف النظم العصبية في القشرة المخية حيث تظهر أهمية التعلم في تكوين وتشكيل المراكز العصبية بالقشرة المخية فالأجزاء المؤخرية تضم مراكز البصر عند جميع أفراد النوع الإنساني وإنما تذوق الفنون التشكيلية بالنسبة لشخص ما عن عدم تذوقه للفنون التجريدية مثلا يتوقف علي نوع المعلومات التي تم تخزينها وبرمجتها في المراكز البصرية في البقاء العصبي الذي يوجد في القشرة المخية إنما يحتاج إلي معلومات نوعية متخصصة تظهر خصائص ذلك البناء العصبي الذي يعرف بالمراكز العصبية فهناك مراكز البصر ومراكز السمع ومراكز الشم ومراكز الأحساس اللمسي ومراكز التذوق وجميعها تعمل وفق نظم المعلومات الحسية التي تنتقل إليها لتشكل في النهاية نظاما متكاملا يؤدي وظيفة متكاملة هي النشاط النفسي والتفكير والإبتكار خلافه، تري كيف ترتبط تلك المعلومات التي نستقبلها بالحواس . يوجد علي الأقل ثلاث طرق من الناحية السيكولوجية نتعرف من خلالها علي وسائل ربط المعلومات كل منها بالأخرى من جانب كما توضح لنا أساليب تشكيل العلاقات العصبية المؤقتة بالقشرة المخية التي تعكس أحد جوانب الأسس الفسيولوجية للتذكر تلك الطرق هي :

 http://www.sst5.com/images/236010.jpg

1- الإرتباط عن طريق العلاقة الوظيفية بين عناصر الموقف أو الخبرة أو المادة المتعلمة :
      فعندما نتذكر إحدى التمرينات الرياضية التي تتكون من عناصر متتابعة الأداء فإنه يتكون بين أداء تلك العناصر علاقة وظيفية تقوم علي التتابع في الأداء بين هذه العناصر ، فأداء العنصر الثالث مثلا يعمل علي استدعاء الميكانيزم العصبي المرتبط بالعنصر الرابع وهكذا تتسلسل الأحداث التذكرية لأداء التمرين علي أحسن وجه .

2- الأرتباط عن طريق علاقات التشابه :
      حيث يتجه الإنسان نحو تذكر تشابهات الأشياء التي سبق أن مرت بخبرته وإرتبطت بأحداث معينة بشكل مفاتيح تذكرها لرؤية الإستاد الرياضي بالزمالك قد يذكرك بشكل الإستاد الرياضي في الإسكندرية والذي سبق أن مر بخبرتك مشاهدتك له .
      ولهذا النوع أهمية خاصة في أي عملية تعليم حيث يقوم الإنسان بعديد من المقارنات التي تقوم علي تذكر العلاقات المتشابهة في المادة المتعلمة .

3- الإرتباط بالتضاد :
      يشبه في محتواه الإرتباط بالتشابه ولكن عند حدوث الإرتباط بالتضاد فإن الإنسان يدرك العلاقة بين الشيء ونقيضه تماما حيث يسهل عملية تذكر المعلومات. فتذكر الإلكترون السالب الشحنة يرتبط بتذكر البروتون الموجب الشحنة وتذكر عملية الهدم يذكرنا بعملية البناء وهكذا يمكن أن ترتبط المعلومات التي تقع في علاقة التضاد فيما بينها .

4- الإرتباط عن طريق الأثر :
      وجوهر هذا الارتباط هو أن كل موقف إدراكي أو كل إدراك لموقف ما يترك أثر في المخ وذلك الأثر يعكس بناء أو تركيب الشيء المدرك . وخلال الفترة الزمنية التي تنقضي بين عملية التذكر والاستدعاء فإن الأثر يعاني بعض التغيرات في الإتجاه الذي يجعل البناء أكثر تماسكا . ولذلك إذا كان الموقف الأصلي يحتوي علي شكل بنائي لأبعاد يتضمن بعض عدم التماثل ، فالأمر سوف يميل لأحد الإتجاهين:
إما أن ينحو إلي تقليل عدم التماثل ، أنه سوف يقويه ويشكله، ذلك لأن الخصائص التركيبية للأثر سوف تجبره علي أن يتحرك إما إلي الإتجاه الأقصي أو إلي الإتجاه الأدني وهذا التفسير قدمة كوفكا سنة 1953.

قياس الذاكرة :
هناك ثلاث وسائل أساسية يستخدمها علماء النفس لقياس الذاكرة
( - ) الإسترجاع
( - ) التعرف

( - ) إعاده التعلم


الإسترجاع :
      هو طريقة مألوفة لدي جميع الطلبة الذين يكون عليهم أن يؤدوا إمتحان من نوع المقال . فمثل هذا الإمتحان هو في الواقع مثال لإختبار الاسترجاع . فالاسترجاع من الشخص أن يتذكر ما سبق أن تعلمه، وذلك عن طريق استدعاء الإستجابات الصحيحة .
      والاسترجاع يختبر بسهولة. ففي أحد أنواع التجارب المسماة ( تجربة الاسترجاع الحر ) يعرض علي الأفراد قائمة من البنود التي سيختبرون فيها فيما بعد مضي بعض الوقت يطلب منهم أن يسترجعوا أكبر عدد ممكن من البنود، بأى ترتيب يرغبون فيه وتحسب درجة الاسترجاع بالنسبة المئوية للبنود الصحيحة .

التعرف :
     هو عبارة عن تمييز تلك الأشياء التي سبق للفرد أن رأها أو تعلمها ، من تلك التي لم يسبق له أن رآها أو تعلمها. وهذا هو ما نفعله عندما نأخذ أمتحان من نوع الإختبار من متعدد. والتعرف هو ما يحدث عندما نري أن شخصا ما يبدو مألوفا جدا لدينا ولكننا لا نستطيع أن نذكر أسمه .
      ولقد قام روجر شبرد Roger Shepared  بعدد من التجارب ليقرر إلي أي حد يمكن للأفراد أن يتعرفوا علي مثيرات سبق لهم أن رأوها . وفي إحدي هذه التجارب وزعت علي الأفراد بطاقات عليها 450 كلمة . وكان علي الأفراد أن يراجعوا هذه المجموعة من البطاقات كل بحسب سرعته . وبعد ذلك كل واحد منهم يختبر في 60 زوجا من الكلمات : إحدى هذه الكلمات في كل زوج كانت من تلك الكلمات التي دونت علي البطاقات التي قام بحفظها ، في حين كانت الكلمة الأخري جديدة ( مشتقة ) . وكان المطلوب من الفرد أن يتعرف علي الكلمة في كل بطاقة . ولقد إستطاع الأفراد المشتركون في هذه التجربة أن يتعرفوا علي عدد مذهل من الكلمات . ففي المتوسط كانت نسبة 90% من التعرف صحيحة .

إعادة التعلم :
     هو مقياس للإحتفاظ لا يستخدم عادة في المواقف المدرسية ولإختبار مدى تأثير إعادة التعلم ، يطلب من الفرد أولا أن يحفظ شيئا جديدا ، وليكن مثلا قائمة من المقاطع الصماء وبعد فترة راحة – قد تتراوح بين ثوان قليلة وسنوات قليلة – يطلب منه أن يعيد حفظ هذه المادة . ويعتبر النقص في الوقت المطلوب لحفظ القائمة مرة ثانية أو النقص في عدد الأخطاء أو النقص في عدد المحاولات اللازمة للحفظ وعلامة علي إستمرار الإحتفاظ ، وإعادة التعلم مقياس حساس ، وقد يظهر في بعض الأحيان أثرا للذاكرة حتي في الأحوال التي لا يبين فيها المقياسان الأخران أثرا علي الإطلاق 0

الأسس الفسيولوجية للتذكر وتخزين المعلومات
    تشكل الآثار Traces المختلفة للعمليات العصبية الحادثة بالقشرة المخية وتكوينها بالنصفين الكرويين كنتيجة لمرونة الجهاز العصبي والأصول الفسيولوجية لميكانيزمات التذكر .
      فأى مؤثر خارجي يرتبط بأي نشاط نفسي يؤدي إلي حدوث عملية عصبية نوعية تقوم علي أسس عملية الإستثارة أو الكف للنشاط العصبي تترك أثرا في صورة التغيرات الوظيفية التي تسهل إنسياب العمليات العصبية عند تكرار مرور الفرد بالخبرة المراد تذكرها أو عند تكرار ظهور المثيرات المفتاحية التي تعمل علي استدعاء ما تم تعلمه .
      وعمليات التذكر تتطلب عمل اجهزة المراكز العصبية دون وجود المثير ذاته والذي أدي مسبقا إلي وجود أثر فسيولوجي عصبي يشبه فتح ممر عصبي معين يرتبط بتذكر شئ ما والتكرار الدائم و المدعم يعمل علي تعبيد تلك الممرات العصبية بشكل يسهل فيما بعد إستدعاء تلك المعلومات المخزونة ( التخزين يتم بشكل كهربائي كيميائي معقد وفقا لشفرة خاصة ) .

      

      وإدراك الأشياء والظواهر الخارجية تقوم علي أسس فسيولوجية للنشاط المعقد لعديد من الخلايا العصبية بالدماغ ( النصفين الكرويين ) والتي يتكون بينها ارتباطات زمنية يمكن أستدعاؤها بمفاتيح ( مثيرات خاصة ) ، عن طريق ميكانيزمات التذكر .
      وتخضع تلك الإرتباطات العصبية إلي نظام نوعي دقيق وليس مجرد عشوائية لنشاط الخلايا العصبية ويؤدي التدعيم المتكرر لتلك الإرتباطات العصبية وردود الأفعال المرتبطة بها إلي تكوين نظام ثابت نسبيا يوصف بالمرونة ويشمل قاعدة الذاكرة .
      إذن فوجود تلك الإرتباطات العصبية الزمنية هو الذي يجعل حدوث ميكانيزمات الذاكرة ممكن خصوصا تحت أثر فكرة مثيرة أو غيرها من المثيرات ( داخلية أو خارجية ) فإستثارة جزء ما في القشرة المخية بالدماغ Brain تمر عبر الممرات " الأثار العصبية " Neural traces السابق تكوينها إلي أجزاء أخرى كانت قد إشتركت وإرتبطت في تخزين المعلومات حيث يتكون في وعينا صورة Image خاصة ترتبط بتلك المعلومات أو الأشياء والظواهر .
      وعملية استدعاء المعلومات من الذاكرة لا يتم فقط بإستثارة نظام الإشارة الأول ( جميع الحواس ) بل أيضا بمثيرات نظام الإشارة الثاني أى استخدام الألفاظ والمفاهيم كإشارات خاصة ترتبط بشفرة ولغة عصبية معقدة تؤدي إلي حدوث التذكر .
      ويتوالي إلي خبرات الفرد أو تعلمه لمواقف جديدة ومواد أخري فإن تلك الميكانيزمات العصبية لا تعد ثابتة أو إنها تكرر بنفس الأسلوب وإنما يحدث تعديل لها حيث إعادة تنظيم الخبرة وبالتالي حدوث ميكانيزمات عصبية جديدة يمكن أن تكون هي الأخرى ( الإثارة العصبية ) مواد البناء لتخزين معلومات جديدة أي يتكون بناء منظم من المعلومات المشفرة – نطلق التذكر بأنواعه وميكانيزماته المختلفة .
      وهنا يجب أن نلفت النظر إلي النظر إلي حدوث ظاهرة التعميم يمكن أن يتذكر الفرد أن وخز أي جسم مدبب يؤدي إلي الألم وليس فقط المسمار. أي حدث تعميم تأثير الألم المتسبب عن المسمار علي جميع الأشكال المدببة وللتعميم دور هام جدا في عمليات تعديل وإنتقال الخبرة .
http://1.bp.blogspot.com/-jNU4jPcnqXE/Uh0ndxlDsvI/AAAAAAAABDE/iTsfo8d-gcM/s1600/-momery-%D8%A7%D9%84%D8%B0%D8%A7%D9%83%D8%B1%D8%A9-%D8%AA%D8%AD%D8%B3%D9%8A%D9%86-%D8%AA%D9%86%D8%B4%D9%8A%D8%B7.jpg

الميكانيزمات العصبية للتذكر
      وقد يخطئ الدارس إذا حاول تصور أن الذاكرة الإنسانية هي وظيفة واحدة ترتبط بتذكر شئ . فتذكر أبسط المعلومات يتطلب اشتراك عديد من العمليات العصبية العليا. ويمكن لعالم النفس الفسيولوجي أن يتحدث عن ثلاثة أنماط للذاكرة هي :

1- ذاكرة ترتبط بالأثر المباشر للمعلومات الحسية ( تذكر بصري ، سمعي, ذوقي ) .
2- الذاكرة ذات المدى القصير .
3- الذاكرة طويلة المدى ، وقد توجد أنماط أخري كثيرة غير معروفة للذاكرة .

الدوافع



يقوم الأنسان في حياته اليومية بأنماط عديدة من السلوك, مثل الطالب الذي يرغب في النجاح أو التفوق أو الحصول على مركز اجتماعي معين يسعى جاهداً نحو تحقيق هذه الرغبة ولا يرتاح له بال حتى يحققها, والطفل الذي لم يجد لعبته في مكانها يظل في حالة من التوتر والضيق, ويأخذ في البحث عنها في جميع الأماكن المحتملة, ويسأل تارة ويصرخ ويبكي تارة أخرى, ولا يهدأ من هذه الثورة العارمة من الصراخ والبكاء حتى يحصل عليها أو يشغله شاغل آخر عنها. أو نجده يبكي جوعاً ولا يهدأ حتى تشبع ربته في الطعام.

وتحليل هذه الأنماط من السلوك قد يكشف عن أهداف يسعى صاحبها إلى تحقيقها, وهي نتاج أسباب عادة ما تكون كامنة في قوى تحركها وتنشطها, أو تزيد من طاقتها .
فما هذه القوى ؟
أنها الدوافع . فما الدوافع ؟
http://www.almudermag.com/Images/OurArticles/TitlePicture_21-07-2013-05-21.jpg


مفهوم الدوافع

تعرف الدافعية بأنها حالة داخلية جسمية أو نفسية تدفع الفرد نحو سلوك في ظروف معينة وتوجهه نحو إشباع حاجة أو هدف محدد. أي أنها قوة محركة منشطة وموجهة في وقت واحد .

إذن : أن الدافع --- يحرك وينشط ---- يوجه ---- يحقق الهدف ---- الشعور بالارتياح .

http://tebasel.com/mag/wp-content/uploads/competition-300x225.jpg

أهمية الدوافع

يعتبر موضوع الدوافع من الموضوعات المهمة في علم النفس بشكل عام وعلم النفس التربوي بشكل خاص, فهو يوثق الصلة بعملية الإدراك والتذكر والتخيل والتفكير والتعلم وأساس دراسة الشخصية والصحة النفسية.

وتكمن أهمية الدوافع :

1. تساعد الانسان على زيادة معرفته بنفسه وبغيره, وتدفعه إلى التصرف بما تقتضيه الظروف والمواقف المختلفة.

2. تجعل الفرد أكثر قدرة على تفسير تصرفات الآخرين, فالأم في المنزل والمربية في المدرسة مثلاً ترى في مشاكسة الأطفال سلوكاً قائماً على الرفض وعدم الطاعة, ولكنها أذا عرفت ما يكمن وراء هذا السلوم من حاجة إلى العطف وجذب الانتباه فإن هذه المعرفة ستساعدها على فهم سلوك أطفالها.,

3. تساعد الدوافع على التنبؤ بالسلوم الإنساني إذا عرفت دوافعه, وبالتالي يمكن توجيه سلوكه إلى وجهات معينة تدرو في إطار صالحه وصالح المجتمع.

4. لا تقتصر أهمية الدوافع على توجيه السلوك بل تلعب دوراً مهماً في بعض الميادين: ميدان التربية والتليم والصناعة والقانون فمثلاً في ميدان التربية تساعد على حفز دافعية التلاميذ نحو التعلم المثمر .

5. تلعب الدوافع دوراً مهماً في ميدان التوجه والعلاج النفسي لما لها أهمية من تفسير استجابات الأرفاد وأنماط سلوكهم .

http://www.alazaar.com/_/rsrc/1301919314154/contact-us/home/about-us/st/5small_1224592109.jpg?height=240&width=320
أنواع الدوافع

الدوافع الفطرية :

يقصد بها تلك الدوافع التي يولد الانسان وهو مزود بها, فلا يحتاج الفرد إلى تعلمها مثل : دوافع الجوع , العطش , الأمومة, الجنس .

مثال :

دافع الأمومة: أن دافع الامومة من الدوافع الفطرية التي يسهل ملاحظته لدى الحيوان, فحماية الصغار والالتصاق بها وإطعامها وسرعة العودة إليها عند فراقها ظاهرة مشاعدة عند أنواع كثيرة من الحيوانات, إذ يقوم أحد الوالدين بهذه المهمة حتى يشتد عود الصغار بعض الشئ والطيور غالباً ما يتعاون الذكر والأنثى في رعاية الصغار, أما عند الثدييات فتقع هذه المهمة على الأم.

أن دافع الأمومة هو علاقة متبادلة بين الأم وصغيرها ولا تقتصر على قيام الأم برعاية طفلها, ولكن يظهر على الأطفال مدى تعلقهم بالأم وحبهم في الألتصاق بها .

الدوافع المكتسبة:

يقصد بها تلك الدوافع التي يكتسبها الأنسان من البيئة من خلال التفاعل بين الأنسان وبيئته التي يعيش فيها, كالدافع إلى الإنتماء, الانجاز والتحصيل, السيطرة وحب الاستطلاع وغيرها .

مثال :

دافعية التحصيل:

دافعية التحصيل هي الرغبة للمشاركة في النشاطات العقلية المعقدة أو الحاجة إلى المعرفة، و تختلف من فرد إلى آخر فإنجاز المهمات الصعبة والوصول إلى المعايير العالية من الإنجاز شيء مهم جدا للبعض بينما للبعض الآخر يعتبر النجاح بأي طريقة كافيا. ويمكن ملاحظة دافعية التحصيل في جهود التلميذ من أجل التغلب على الصعاب التي تحول دون تفوقه والميل إلى تحقيق الأهداف التعليمية.



و يمكننا أن نميز بين نوعين من الدافعية للتعلم بحسب مصدر استثارتها : هما الدوافع الخارجية والدوافع الداخلية .

الدافعية الخارجية:

هي التي يكون مصدرها خارجياً كالمعلم، أو إدارة المدرسة، أو أولياء الأمور، أو حتى الأقران . فقد يُقبِل المتعلم على التعلم سعياً وراء رضاء المعلم. و قد يُقبِل المتعلم على التعلم إرضاءً لوالديه وكسب حبهما أو للحصول على تشجيع مادي أو معنوي منهما . وقد تكون إدارة المدرسة مصدراً آخراً للدافعية بما تقدمه من حوافز مادية ومعنوية للمتعلم .



أما الدافعية الداخلية :

فهي التي يكون مصدرها المتعلم نفسه، حيث يُقدِم على التعلم مدفوعاً برغبة داخلية لإرضاء ذاته، وسعياً وراء الشعور بمتعة التعلم.

http://al3loom.com/wp-content/uploads/2012/05/Human-motivation.jpg

العلاقة بين الدافعية والحاجة

مفهوم الحاجة وعلاقتها بالدافع :

أن علاقة الحاجة بالدافع علاقة متداخلة, فالحاجة تعني الشعور بتقص شئ معين, فإذا ما وجد تحقق الاشباع, كما يمكن أن تعرف بأنها أحساس الكائن الحي بعد التوازن نتيجة شعوره بافتقاد شئ ما , بناءاً على ذلك يمكن القول: بإن الحاجة هي نقطة البداية لإثارة الدافعية والحفز إلى سلوك معين يؤدي إلى الاشباع.

وينشأ الدافع نتيجة وجود حاجة معينة لدى الكائن الحي . ومتى ما وجدت هذه الحاجة فستدفعه الى أناط من السلوك هدفها إشباع تلك الحاجة .

http://uobabylon.edu.iq/uobcoleges/media_up/7_21975_236.jpg 

 تلعب الدوافع دوراً خطراً في حياة كل فرد لأنها تحدد شكل سلوكه ونتائج نشاطاته الحياتية. ولما كان للدوافع علاقة بالجهاز النفسي بسبب سيطرتها على عمليات توجيه السلوك فقد عملت على اتباع نظم للتغلب على مقاومة الفرد أحياناً، وبخاصة في حالة الدوافع غير السوية، حتى تجد لنفسها منطلقاً إلى الظهور ومسرحاً لنشاطاتها عن طريق التحايل حتى تجعل المستحيل يبدو ممكناً، والأمر السيئ مقبولاً، وكل ما هو غير طبيعي يبدو طبيعياً.

الإنفعالات



لا تمضي حياة الإنسان على وتيرة واحدة وعلى نمط واحد وإنما هي مليئة بالخبرات والتجارب المتنوعة التي تبعث فيها مختلف الإنفعالات والحالات الوجدانية فالإنسان يشعر بالحب حينا وبالبغض والكره حينا آخر . وهو يشعر بالخوف والقلق تارة وبالأمن والطمأنينة تارة أخرى . ويشعر بالفرح بعض الوقت وبالحزن والكآبة في بعض الأحيان . وهكذا نجد أن حياة الإنسان في تقلب مستمر وتغير دائم. وهذا لا شك يضفي على الحياة جزءا كبيرا مما لها من قيمة وما لها من متعة . وتصبح شبيهة بحياة الجماد الذي لا يحس ولا يشعر ولا ينفعل.




 تعريف الإنفعال :

رغم أن مفهوم الإنفعال من المفاهيم الشائعة في مجال علم النفس فلا يوجد تعريف واحد يعترف به جميع المتخصصين في مجال علم النفس فهو كما يرى بول توماس يونغ "1961" يتمثل في عملية ذات طبيعة مركبة وإلى درجة أنه لا بد من تحليله إلى أجزاء من مختلف وجهات النظر . ففي الكتابات القديمة لبعض العلماء أمثال فونت وماكدوجل وغيرهم كان ينظر إلى الإنفعال كحدث شعوري. وتركزت المشكلات الأساسية حول علاقة بين الإنفعال الشعوري وبين تعبيرات الجسمية . تم تلا ذلك مباشرة إهتمام علماء النفس بالمظاهر الموضوعية للإنفعال . فيجب أن يميز المرء بين الموقف الذي يثير الإنفعال وبين رد الفعل الحادث . فالإرجاع الإنفعالية نفسها مظاهر داخلية وخارجية على السواء ويستخدم البعض من السيكلوجيين مفهوم الإنفعال على أنه عبارة عن نماذج إنعكاسية معينة للإستجابة (مثل الغضب والخوف والفرح …إلخ ). تتصل بالمراكز العصبية في منطقة الهيبوثلاموس . ويستخدم البعض الأخر نفس المفهوم بشكل أوسع وذلك على أنه إضطراب حاد ناشىء عن موقف سيكولوجي ويظهر في الخبرة الشعورية وفي السلوك . ومن خلال التغيرات في الأعضاء الحشوية الداخلية .
فالإنفعال يشير إلى ما يتعرض له الكائن الحي من تهيج أو إستثارة تتجلى فيما يطرأ عليه من تغيرات فسيولوجية وما ينتابه من مشاعر وأحاسيس وجدانية ومن رغبة في القيام بسلوك يتخفف به من هذه الإستثارة وسواء كان مصدر الإستثارة الإنفعالية داخليا أو خارجيا فهو وثيق الصلة بحاجات الكائن .

ويعرف ميلفن ماركس"1976" الإنفعال بأنه " إضطراب حاد لأنه يتميز بحالة شديدة من التوتر والتهيج العام ولأنه أثناء الإنفعال تتوقف جميع أنواع النشاطات الأخرى التي يقوم بها الفرد . ويصبح نشاطه حول الشيء أو الموقف الذي أثار غضبه. وكما أنه يؤثر في جميع كيان الفرد سواء في سلوكه أو خبرته الشعورية أو الوظائف الفسيولوجية الداخلية ( كما سنتعرض فيما بعد ) . وينشأ الإنفعال في الأصل عن مصدرنفسي لأنه يحدث نتيجة إدراك بعض المؤثرات الخارجية أو الداخلية .

ويمكن تصور الإنفعالات على أنها تتضمن جانبين هما :
الأول: المشاعر الذاتية .
والثاني: الإستجابات الموضوعية.

* المشاعر الذاتية:
حيث تعتبر الحالات الإنفعالية مثل الغضب والسرور خبرة ذاتية يشعر بها الفرد . ويمكن معرفتها وتحديدها من خلال التقارير اللفظية التي يصف الافراد من خلالها إنفعالاتهم.

· *الإستجابات الموضوعية:
· نظرا لأن هناك صعوبات في الحصول على تقارير لفظية دقيقة لوصف مشاعر الأفراد . يفضل دراسة الإستجابات الموضوعية وذلك سواء من خلال مشاهدة المظهر أو الملامح الخارجية للجسم أو من خلال تسجيل الإستجابات الداخلية ( مثل ضغط الدم . ضربات القلب . التنفس. رسام المخ الكهربائي ….إلخ).



أبعاد الإنفعالات :

تمثلت جهود علماء النفس في محاولة التوصل إلى أهم الأبعاد التي يمكن وصف الإنفعالات على أساسها في الابعاد التالية :
*النبرة أو الطابع الوجداني
*الشدة
*مدة الإنفعال
*التعقيد أو التركيب

ونعرض فيما يلي كل بعد على حدى

1/النبرة أو الطابع الوجداني :

يعد الطابع الوجداني المتمثل في مشاعروجدانية مثل ( السرور) وعلى الرغم أن الكائن ينجدب إلى النوعيات السارة من الإنفعالات وينفر أو يبتعد عن النوعيات غير السارة .
فإنه ليس من السهل دائما أن نميز بدقة وبشكل قاطع بين هذين النوعين وخاصة في الحالات الإستثارة الإنفعالية المعتدلة .

2/الشدة:

تظهر شدة الإنفعال أو قوته بوضوح في زيادة الطاقة المبذولة في العمليات الثلاث المكونة للإنفعال وهي " الشعور أو الخبرة الشعورية أو الوعي – السلوك الصريح – والإستجابات الفسيولوجية ". وتتسم العلاقة بين هذه العناصر الثلاثة بانها غير متسقة حيث تختلف في درجة شدتها أو قوتها في الإنفعال الواحد . كما تختلف من إنفعال لآخر.

3/مدة الإنفعال :

تختلف الإستجابات الإنفعالية في الفترة الزمنية التي تستغرقها . فالإستجابة لأالم من مستوى معين – على سبيل المثال – قد تكون بسيطة ووقتية وليس لها آثار واضحة كما قد تكون مبالغ فيها
ويرى توماس يونغ أنه يمكن تصور الإنفعالات كأحد العمليات الوجدانية في ضوء عدة مستويات تختلف من حيث طول الفترة الزمنية

* المستوى الأول:
حيث تواجد المشاعر الحسية البسيطة ( الإيجابية-السلبية ) وتشمل على نوعين وهي حالات السرور أو الكدر .
* المستوى التاني :
المشاعر التي تتسم بالإستمرار أو الدوام ةعن المستوى السابق .
* المستوى الثالث : الإنفعالات .
وتشير إلى العمليات الوجدانية المضطربة التي تنشأ عن مصدر نفسي . ويصحبها عدة تغيرات جسمية . ومنها الغضب الشديد والخجل والحزن والفرح .
* المستوى الرابع الحالة المزاجية .
ويشير إلى الحالة الإنفعالية الأقل إضطرابا من الإنفعال وأقل شدة منه و أنها أكثر إستمرارا أو بقاء من الإنفعال . فيمكن أن يستمر لعدة ساعات أو أيام أو أسابيع . فالشخص متغير المزاج يعبر نمطا عن إنفعالاته في سلوكه العام ( مثل الإكتئاب – القلق – المرح) فالإنفعالات إذن حالة حادة من الإضطراب . أما المزاج فهو حالة مزمنة .
* المستوى الخامس : الوجدان
.ويستخدم هذا المفهوم في كل من الطب النفسي وعلم النفس الأكلينيكي ومنه حالات الإكتئاب الشديدة – القلق – الهوس – الشعور بالنشوة.
* المستوى السادس: العواطف .
وهي عبارة عن مشاعر تقوم على أساس الخبرات والمعارف الماضية . ويتضمن هذا المستوى تحقيق درجة من الرضا وإشباع الرغبات أو عدمها وذلك عند العمل في مجال معين ( كالموسيقى أو الفن أو الشعر …إلأخ )
* المستوى السابع : الإهتمام والمنفرات .
ويشتمل هذا المستوى على الإهتمامات والأنشطة التي يحبها الفرد ويستغرق في ممارستها وقتا طويلا. وكما يشتمل على المنفرات وهي الأنشطة التي لا يحبها الفرد ويحاول تحاشيها والإبتعاد عنها كلما أمكن ذلك .
* المستوى الثامن : المزاج كسمة .
وعندما نتحدث عن هذا المستوى نقصد به أن هناك نمطا إنفعاليا مزمنا أو سمة من سمات الشخصية تتسم بقدر كبير من الإستقرار والثبات وتظهر في العديد من تصرفات الفرد وسلوكياته
وعلى الرغم من أن هناك تداخلا بين الإنفعالات وبعض المفاهيم الأخرى إلا أن الشيء الواضح هو أن الإنفعال "عملية إنفعالية تتميز عن الجوانب الأخرى بأنها حالة حادة من الإضطراب الوجداني التي تستغرق فترة زمنية قصيرة ".

4/التعقيد أو التركيب

تتسم الإنفعالات بأن هناك علاقات وإرتباطات فيما بينها . لذلك يصعب الفصل بينها . فلا يمكننا مثلا أن نحدد بدقة حالة نقية تماما من الخوف أو الغضب فقط. ولذلك فإن محاولة تصنيف الإنفعالات هي الخطوة الأولى نحو تبسيطها والوقوف على كل نوع منها وتحديد مظاهره والتغيرات المصاحبة له . وهذا ما سنتناوله في الفقرة التالية.



تصنيف أنماط الإنفعالات :

تعد المسميات اللفظية للإنفعالات –فيما يرى ميلفن ماركس- غير كافية لإبراز ملامحها وأبعادها. ويقترح تقيما للأنماط الرئيسية للإنفعالات في ضوء فئتين :
الأولى : وختص بالمنشأ أو أصل الإنفعالات .
الثانية : وتختص بموضوع الإنفعال .
وبإستخدام هذا المحك كأساس للتصنيف يمكننا أن نميز بين مصدرين رئيسيين للإنفعالات هما . المواقف والكائنات الحية ( وخاصة الآدميين ) ثم عمل بعض التصنيفات الفرعية طبقا لموضوعات الإنفعال التي تندرج في كل فئة على حدى.

1/الإنفعالات الموقفية :

ويستثار هذا النوع من الإنفعالات عن طريق الآثارالحسية المباشرة للمنبهات أو بواسطة الدفاعية طويلة المدى أو خصائص الموقف . ويظهر الاساس الحسي للإنفعال بوضوح في حالات الشعور بالألم . فالمنبه الشديد أو الإجهاد الدي يؤثر على بناء الجسم وخاصة في الاجزاء السطحية منه – يحاول الفرد التخلص منه والإبتعاد عنه في حين أن إستجابة الألم التي تؤدي إلى الغضب ( الهجوم ) أو الخوف ( الهروب ) تعتمد على طبيعة الموقف ووعي الفرد بها .

2/الإنفعالات الأولية :

تستثار معظم الإنفعالات بنفس الطريقة التي يدرك بها الكائن مختلف المواقف والمنبهات . وتنقسم الإستجابات الإنفعالية الأولية إلى أربعة أنماط أساسية وهي : السعادة و الأسى والخوف والغضب
ونعرضها على النحو التالي :

* السعادة : إستجابة السرور أو السعادة هي نتائج إرضاء دافع ما. وكلما كان الدافع قويا أو عميقا بالنسبة للفرد كان أكثر كفاءة على بعض السرور لديه
ويظهر هذا النوع من الإنفعالات في أشكال مختلفة كالفرح الشديد أو النشوة .

* الأسى : وفي النهاية المتصل الوجدني للسرور نجد ما نسميه بإنفعال الأسى . والذي ينتج عن فقدان هدف ما أو موضوع مرغوب . وقد يصل هذا النوع من الإنفعالات بالفرد إلى حالة متطرفة فيصاب بالإكتئاب.

* الخوف : يقع الخوف أيضا في نهاية المتصل الوجداني للسرور أو السعادة . ولكنه ليس مقابلا لها . ويعد الخوف إستجابة متعلمة تتوقف على إكتساب الفرد للخبرات ومعارف .
ويؤدي إنفعال الخوف وظيفة بيولوجية هامة. فهو يدفع الفرد إلى الهرب من الخطر والحذر منه فيعينه على حفظ حياته . غير أن كثيرا ما يتجاوز الخوف هذه الوظيفة المفيدة فيصبح سببا لإلحاق الضرر بحياة الفرد . وإنفعال الخوف هو إنفعال مكتسب فقد دلت التجارب التي قام بها واطسون على أن الطفل الصغير لا يكاد يخاف إلا من الأصوات الشديدة المفاجئة . فهو لا يخاف الضلام أو النار أو الثعابين أو القطط أو الكلاب أو غير ذلك من الأشياء التي قد يخاف منها الكبار . ثم يتعلم الطفل فيما بعد الخوف من أشياء كثيرة لم يكن يخافها من قبل.
ويتفاوت الخوف كثيرا من شخص لآخر ومن حضارة لأخرى . ويلاحظ أنه يستثار بتنبيه خارجي وليس من إجراء حاجة داخلية تلقائية فعندما يواجه الكائن منبها مؤلما تحدث إستجابة إنسحاب وفيما بعد قد يسبب مجرد إقتراب المنبه المؤلم منه الإنسحاب . ويقول الشخص بانه يشعر بالخوف . وهذا يوحي بأن الخوف إستجابة متعلمة . وتتوقف على الخبرة الماضية . وينمو شعور الطفل بالخوف من عمر لآخر فهو يرتبط أول الأمر بالواقع . ذلك أن الطفل عندما يتعلم المشي يتعرض لسقطات مؤلمة . وهكذا ينمو لديه خوف يبرزه الواقع . ومع تزايد نضج الطفل يتعلم عادة بأنه بالتعامل مع هذه التهديدات ويختفي الخوف . والخوف كأحد أنواع الإنفعالات يتضمن حالة من حالات التوتر التي تدفع الخائف إلى الهرب من الموقف الذي أدى إلى إستثارة الخوف حتى يزول التوتر ويزول الإنفعال .
ويصاحب إنفعال الخوف بعض التغيرات الفسيولوجية مثل سرعة خفقان القلب والإحسساس بالهبوط في المعدة والرعشة في الركايب وتصيب العرق والقىء .

* الغضب : يقوم إنفعال الغضب بفائدة هامة للفرد فهو يزيد من نشاطه ويدفعه في بعض الأحيان إلى القيام ببعض الأعمال العنيفة لإزالة ما يعترضه من عوائق. ولكن كثيرا ما يشتد إنفعال الغضب ويصعب على الشخص التحكم فيه فيؤدي إلى بعض النتائج الضارة أو السلبية . ويظهر هذا النوع من الإنفعالات نتيجة عوامل وظروف عدة منها الحرمان أو المنع . فأول ما يثير غضب الاطفال هو شعورهم بالعجز عن تحقيق أغراضهم ورغباتهم . كما يثير غضب الأطفال الشعور بالحرمان من حب الوالدين وعطفهما .

يتضح مما سبق أن كلا من إنفعال الخوف والغضب ينشأ نتيجة إحباط لبعض الدوافع الأساسية للكائن الحي. فالخوف يحدث إذا إعترضت الكائن الحي بعض العقبات وحالت بينه وبين تحقيق رغبته . ويؤدي الإنفعال في كل من حالتي الخوف والغضب وإلى زيادة النشاط اي يمكن إستخدامه في مواقف الخطر المخيفة أو في إزالة العقبات التي تعوق الفرد من الوصول إلى رغبته .
ويرتبط نضج الشخص بقدرته على التحكم في إنفعال الغضب الذي يفقده القدرة على حسن مواجهة الموقف .


3/الإنفعالات الإجتماعية :

وتنقسم إلى فئتين رئيسيتين:
الأولى : وتختص بالذات المرجعية " كالفخر والخجل والشعور بالذنب"
الثانية : وتتعلق بالتفاعل مع الآخرين " كالحب والكراهية .."
ويبدو أن هناك درجة كبيرة من التداخل بين الإنفعالات الإجتماعية والإنفعالات الموقفية . ويعتمد هذا الفصل على الشخص أو الأشخاص في مواقف معينة أكثر من إعتماده على الموقف في حد ذاته . ولأن تقسيمنا للإنفعالات يهدف إلى الشرح والتفسير وليس نتيجة بحوث أو دراسات أجريت في هذا الصدد.
وتنقسم الإنفعالات الإجتماعية إلى فئتين :

* إنفعالات تقدير الذات :
حيث تعد قدرة الفرد على تقييم ذاته من أكثر الجوانب المركزية في بنائه السيكولوجي. وعملية تقدير الذات هي عملية دالة للمتغيرات الشخصية والإجتماعية العديدة ومن هذه المتغيرات : المستوى الأكاديمي أو الأخلاقي والثقافي والإقتصادي والإطار الحضاري . ويؤثر في عملية تقدير الفرد لذاته كل من الشعور بالذنب والخزي والندم .
ويشير الخزي إلى حالة منخفظة من تقدير الذات . أما الشعور بالذنب فيشير إلى إستجابة إنفعالية أكثر إرتباطا بإنتهاك المعايير والقواعد الأخلاقية . أما الندم فهو حالة أكثر وضوحا وإمتدادا للشعور بالذنب . وتختلف هذه الحالات الإنفعالية من ثقافة لأخرى.

* الإنفعالات الخاصة بالعلاقات بين الأشخاص :
يمتد المتصل الوجداني من أقصى درجات المشاعر الإيجابية إلى أقصى درجات المشاعر السلبية . ويجب ألا يقتصر تعاملنا فقط على هذين القطبين : الحب – الكراهية .
فالحب كحالة إنفعالية يترتب عليه المزيد من الإتصال والتفاعل مع الأفراد الآخرين . ويجب تصوره في ضوء أنواعه المختلفة : كالحب الرومنسي وحب الوالدين …إلخ.
أما الكراهية فهي حالة إنفعالية يترتب عليها النفور والبعد عن الآخرين . وهناك درجات مختلفة من الحب والكراهية . ترتبط درجة إستمرار أو دوام أي منهما بحضور أو غياب الأفراد.



مظاهر الإنفعالات والتغيرات المصاحبة لها :

يمكن تقسيم التغيرات المصاحبة للإنفعال إلى نوعين رئيسيين. هما : التغيرات الفيسيولوجية الداخلية . و التعبيرات الجسمية الخارجية.

1/التغيرات الفسيولوجية الداخلية :
تصاحب الحالة الإنفعالية للفرد عدة تغيرات فسيولوجية كضغط الدام وسرعة التنفس .. كما تتأثر الغدد والعضلات ونشاط المعدة والأمعاء …إلخ

* ضغط الدم : يحدث أثناء الإنفعال تغيرات في ضغط الدم وتوزيعه في أجزاء الجسم . فنجد إحتقانا في كل من الوجه والرقبة عند الغضب . ويحدث هذا الإحتقان لأن الأوعية الدموية تتمدد فتزيد من كمية الدم قرب سطح الجلد.

* إستجابة الجلد : حيث يصاحب الإنفعال حدوث تغيرات كهربائية يمكن التأكد منها عن طريق توصيل أقطاب كهربائية إلى الجلد ( على الكفين ) متصلة بجلفانومتر لتسجيل الإستجابة (1) الجلفانية للجلد . وتعد إستجابة الجلد الكهربائية بمثابة مؤشرللتغيرات الإنفعالية .

* التنفس : يتغير معدل التنفيد وزمن الشهيق والزفير حسب الحالة الإنفعالية فنجده ينقطع برهة من الزمن في الحالات الدهشة . ويكون متقطعا أثناء الشحك أو البكاء . فعند الكشف عن الكذب على سبيل لمثال يتم تسجيل مستديم للتنفس أو ضغط الدم أو الإثنين معا لإظهار حالة التهيج الإنفعالي عند الشخص الكاذب .

* ضربات القلب : كما يتغير أيضا معدل ضربات القلب أثناء الحالة الإنفعالية فقد لوحظ أن سرعة النبض قد تزيد أثناء الإنفعال من 72 إلى 150 نبضة في الدقيقة . كما أوضحت بعض التجارب التي أجريت على عينات من الطلبة أن قوة إندفاع الدم من القلب قبل الإمتحان تزيد لترين في الدقيقة عنه بعد الإمتحان .

* توتر وإرتعاش العضلات : يعتبر توتر العضلات من الأعراض المصاحبة للإنفعال فقد يرتعش الفرد أثناء الإنفعال الشديد. وتبين من خلال رسام العضلات الكهربائي أن النشاط الكهربائي يتزايد أثناء إنفعال الفرد .

* حركة المعدة والأمعاء : فقد تبين أن حالات الغضب يصاحبها إنتفاخ الأغشية الداخلية للمعدة مع زيادة في |إنقباض عضلاتها وإرتفاع نسبة إفراز الحامض منها . أما في حالات الإكتئاب فتقل نسبة الحامض وتكف المعدة عن الحركة .
كما تبين من خلال إستخدام الأشعة السينية أن حركة المعدة والأمعاء تتأثر بالإنفعال الشديد . وقد تؤدي الآثار الإنفعالية إلى القيء والإسهال.

* الإنفعال والكليتان : كما تتغير وظائف الكلية ونسبة الماء والأملاح في الجسم تبعا لتغير حالة الإنفعالية . ففي حالات التهيج والخوف الشديد على سبيل المثال تزيد نسبة التبول .

* الإنفعال والغدد الصماء : تتغير معدلات إفراز الغدد الصماء للهرمونات أثناء الإنفعال . فمثلا تنشط الغدتان المجاورتين للكليتين في حالات الغضب والخوف من خطر مفاجىء فنجد زيادة في إفراز هرمون الأدرينالين الذي يؤدي بالكبد إلى زيادة نشاطه فيقوم بزيادة كمية السكر الذي يفرزه الكبد في الدم . وتؤدي زيادة كمية السكر إلى تعبئة طاقة الفرد لمواجهة حالة الإنفعال فتزول آثارها بسرعة.

2/التعبيرات الجسمية الخارجية :
تعتبر التعبيرات الجسمية الخارجية من الوسائل التي نستدل من خلالها على إنفعالات ومشاعر الأفراد وعلى الرغم من أن هناك بعض التعبيرات الإنفعالية يمكن إخفاؤها إلا أن البعض الآخر يصعب إخفاؤه لعدم قدرة الشخص على التحكم في جهازه العصبي . وتعتمد قدرة الشخص على التحكم في تعبيراته غير اللفظية على درجة صحته النفسية والجسمية . فقد تبين من خلال البحث الذي آجراه كل من أكمان وآخرون عن التعبيرات الإنفعالية للمرضى العقليين تبين أن هؤلاء المرضى أقل تحكما في التعبيرات أيديهم وأرجلهم منهم في تحكمهم لتعبيرات وجوههم .وقد أفترضا تفسيرا لهذا هو أن المناطق الجسمية لديهم أقل خضوعا للضبط من غيرها وأن تعبيراتهم عن مشاعرهم وأفكارهم تتسرب لديهم من بعض المناطق الأقل ضبطا أو تحكما .


النظريات المفسرة للإنفعالات :

1/ النظريات الفسيولوجية :

* نظرية جيمس- لانج : نشر عالم الفسيولوجي الدنماركي " كارل جورج لانج .( 1834- 1950) " عام 1885 نظريته في الإنفعالات تتمثل في أن الإنفعالات تحدث نتيجة لشعور الشخص بالتغير في الأوعية الدموية .
وكان وليم جيمس ( 1842-1900 ) الفيلسوف وعالم النفس الأمريكي قد توصل مستقلا إلى نظرية متشابهة . ونشر عام 1890 في كتابه مبادىء علم النفس نظريته في الإنفعال واضعا في حسبانه إسهام لانج . وقد عرفت النظرية فيما بعد بإسم نظرية جيمس - لانج . في الإنفعال.
ولم تكن نظرية لانج شديدة الإتساع إذ كانت تؤكد فقط على تغير الأوعية الدموية في حين إهتم وليم جيمس بكل أنواع التغيرات الحشوية . إلا أنهما يتفقان على أن الإنفعالات تكون نتيجة شعور الشخص بالتغيرات في الأوعية أو الأحشاء الداخلية . فالإحساس الحشوي الجسمي يسبق الإحساس الإنفعالي .. (فمثلا نحن نري شيئا مخيفا فنرتعش ثم نشعر بالخوف ). وعلى العكس من الفكرة الشائعة- وقتئذ التي تذهب إلى أن الإنفعال يترتب عليه السلوك – أكد وليم جيمس أن السلوك هو الذي يولد الإنفعال ويلخص مضمون النظرية بقوله : " إننا نخاف لأننا نجري . "
وهذا فيما يرى " هيلجارد و إيكيسون " وهو الذي أعطى هذه النظرية شيئا من القبول والمعقولية .
وعلى الرغم من أهمية هذه النظرية . فإن هناك بعض التجارب التي تقيم الدليل على أنها نظرية قاصرة . حيث تبين أن الشعور الإنفعالي لا يحدث إذا هيجنا الغدد والأحشاء بطريقة تجريبية . فلإضطرابات الفسيولوجية الحشوية ليست وحدها المسئولة عن الشعور بالإنفعالات .
ونتيجة لهذه الإنتقادات التي وجهت إلى نظرية جيمس – لانج في تفسير الإنفعالات . تقدم عالم الفسيولوجي الأمريكي" ولتر كانون "( 1871- 1945 ) بنظريته التي نعرض لها على النحو الآتي :

* النظرية الثلاموسية أو المهادية : وهي النظرية التي قدمها كانون لتفسير الإنفعالات . ومضمونها أن المشاعر الإنفعالية هي تنيجة تنبيه الثلاموس أو المهاد . أما التعبيرات السلوكية للإنفعال فهي من وظائف الهيبوثلاموس أو مهاد المخ .
وتفترض هذه النظرية أن الإحساسات المختلفة من الجسم تصل إلى كل من القشرة المخية والهيبوثلاموس من خلال مسارات الإحساس الصاعدة . حيث يصدر نوعان من السيالات العصبية : أحدهما لقشرة المخ للشعور بالإنفعال . والثاني للهيبوثلاموس ويختص بالسلوك الإنفعالي ومظاهره . وتشير هذه النظرية إلى أن الشعور الإنفعالي والسلوك الإنفعالي يصدران في نفس الوقت وليس كما يظن سابقا واحدة تلي الأخرى.
ويؤخد على هذه النظرية أنها مجرد إفتراضات ولا يوجد برهان علمي أو ثبات يبين أن الشعور بالإنفعال يصدر من المهاد وأن المهاد لا يخدم إلا الشعور بالحساسية الأولية .

ملاحظة : المهاد الثلاموس هو مركز تنظيم المعلومات الحسية التي ترد المخ . حيث يخبر المخ بما يحدث خارج حدود الجسم.
أما ما تحت المهاد الهيبوثلاموس فهو يراقب أجهزة الجسم التي تنظم وظائفه فهو يخبر المخ بما يجري داخل الجسم .

2/النظرية المعرفية :
تفتقد النظريات الفسيولوجية إلى مظهرهام من مظاهر الخبرة الإنفعالية . فالإحساس بالسعادة أو اليأس من شيء معين مصحوب بخبرات ومعارف عن هذا الشيء . وطبقا لهذه الوجهة من النظر فإن الإنفعال يعد نتيجة التفاعل بين الإستثارة الداخلية والعمليات المعرفية.
وقد ساعدت سلسلة التجارب الحديثة على سد الفجوة في النظريات الفسيولوجية المفسرة للإنفعال . فالتعبير الإنفعالي يمكن أن يحدث في غياب أي مشاعر إنفعالية أو دون وجود دليل واضح يؤكدها . ومن هنا برزت أهمية تفسيرنا في ضوء الخبرات والمعارف التي توجد لدى الفرد عن موضوع الإنفعال فعملية تقدير الفرد للموقف الخارجي في ضوء خبراته ومعارفه هي عملية معرفية تؤثر في الإنفعال .


3/ النظريات السلوكية :

ينشأ الإنفعال من وجهة نظر السلوكيين نتيجة الصراع المستثار لدى الكائن الحي . والذي يؤدي به للقيام بإستجابات غير متسقة. كما يفسر البعض الآخر الإنفعالات في ضوء إضطراب السلوك . ويؤخذ على هذه النظريات – فيما يرى ميلفن ماركس – أن هناك صعوبات في تحديد التعريفات الإجرائية الدقيقة لمعنى الصراع بإعتباره اساسا للإنفعالات .
وقد تعامل واطسون مع الإنفعال على أنه نمط وراثي من الإستجابة وتتضمن تغيرات جسمية في جسم الكائن الحي ككل . وخاصة في الأنظمة الحشوية والغددية . وقد عالج واطسون الإنفعالات بنفس الطريقة التي تعامل بها مع الإستجابات غير شرطية التي تحدث بشكل متسق لمنبهات معينة . ويلاحظ أن واطسون لم يهتم بالتحليل الفسيولوجي للإنفعال أو بدور الجهاز العصبي.
أما تومان فيتعامل مع الإنفعال على أنه إستجابة لتنبيه معين . فالإنفعال لا يمكن تحديده بواسطة المنبهات فقط أو الإستجابات فقط ولكن في ضوء العلاقة بينهما . وقد إهتم تولمان بآثار التعلم على الإنفعالات سواء لدى الحيوانات أو الأطفال أو الراشدين . أما سكينر فقد تعامل في البداية مع الإنفعالات على أنها ليست نوعا آليا من الإستجابة ولكنها نوع من القوة يمكن مقارنتها أو مضاهاتها بمظاهر الحوافز .
ثم تغيرت معالجة سكينر للإنفعالات بعذ ذلك حيث إعتبرها حالة إفتراضية تمثل إستعداد أو تهيؤ للفعل أو الإستجابة بشكل معين . ويرى أن الإنفعال عبارة عن " جملة من النشاط أو الإستثارة يصاحبها تغيرات في الأحشاء و العضلات ".
 
 

العوامل المؤثرة في إرتقاء الإنفعالات :
يؤثر كل من النضج والتعلم في إرتقاء الإنفعالات وتمايزها وزيادة تعقيدها أو تركيبها . غير أن حدوث نمو الإنفعالات على نسق واحد تقريبا عند الإطفاء في أثناء الشهور الأو لى من حياتهم يوحي بأن النضج هو العامل الأساسي المؤثر في هذه الفترة المبكرة من العمر . وكلما تقدم الطفل في العمر كان أثر التعلم أكثر وضوحا .
النضج : ويقصد به النمو الذي يحدث بدون تأثير التعلم . ويحدث نتيجة للعوامل الوراثية وحدها . ويظهر أثر النضج واضحا في تهيئة البناء العضلي والغدي والعصبي اللزم لظهور بعض الغنفعالات . فالأطفال عادة لا يبتسمون ولا يضحكون قي الشهرين الأولين لأن الحركات العضلية التي يمكن من خلالها القيام بذلك لم تنضج بعد .
التعلم :ويظهر دوره واضحا في إكتساب الأطفال للعديد من التعبيرات الإنفعالية فالتعبير عن إنفعال الغضب لدى الأطفال يتمثل في الإفصاح عن الطعام أو مغادرة مكان ما …وكل هذه الأفعال يتعلمها الأطفال من البيئة التي يعيشون فيها . ويعد إختلاف التعبيرات الإنفعالية من مجتمع لآخر دليلا على وجود آثار التعلم في تشكيل الإستجابة الإنفعالية . فبعض المجتمعات يعبر عن الدهشة برفع الحاجب وفتح العينين ..بينما يعبر الصينيون مثلا عن الدهشة بإخراج ألسنتهم . ويرى إدوارد (1968) أن تعلم الطفل للإستجابة الإنفعالية يتم من خلال ثلاثة أساليب وهي :
المحاكاة : وتقوم بدور كبير في إكتساب الأطفال للإستجابة الإنفعالية ويبدأ الطفل في محاكاة الآخرين في حوالي سن السنتين . فهو يقتدي بوجود نماذج من البيئة التي يعيش فيها " أفراد الأسرة أو أقارب أو جيران …"
التشريط : ويبدأ بأن يربط الكائن بين منبه محايد ومنبه آخر سبق وأن إستثار إستجابة إنفعالية لديه . كما تبين أن الخوف الذي يتعلمه الفرد من منبه معين يمتد إلى غيره من المنبهان التي تتشابه معه وذلك في ضوء مبدأ التعميم .
الفهم : ويعني إدراك المواقف التي تحتمل أن تثير إستجابة إنفعالية لدى الفرد . فالخوف من تعاطي مخدر معين يتضمن فهما لأضراره وما يمكن أن يحدثه من مخاطر او أضرار .
 
 
 
فوائد الإنفعالات :
تحقق الدرجات المعتدلة من الإنفعالات العديد من الفوائد بالنسبة للفرد ومنها ما يأتي :
1/ تزيد الشحنة الوجدانية المصاحبة للإنفعال من تحمل الفرد وتدفعه إلى مواصلة العمل وتحقيق أهدافه.
2/ للإنفعال قيمة إجتماعية . فالتعبيرات المصاحبة للإنفعال ذات قيمة تعبيرية تربط بين الأفراد وتزيد من فهمهم لبعضهم البعض .
3/ تعتبر الإنفعالات مصدرا من مصادر السرور . فكل فرد يحتاج إلى درجة معينة منها إذا زادت أثرت على سلوكه وتفكيره . وإذا قلت إصابته بالملل.
4/ تهيىء الإنفعالات الفرد للمقاومة من خلال تنبيه الجهاز العصبي اللارادي . 
 
http://3.bp.blogspot.com/-FEHQ2wG5ZWU/VGpbZOB8rRI/AAAAAAAAAA8/fyaV_WjMccU/s1600/ClOC1.jpg 
 
أضرار الإنفعالات :
1/ يؤثر الإنفعال على التفكير الفرد فيمنعه من الإستمرار . كما هو الحال في الحالة الغضب أو يجعل التفكير بطيئا كما هو الحال في حالات الحزن والإكتئاب.
2/ يقلل الإنفعال من قدرة الشخص على النقد وإصدار الأحكام الصحيحة كما يؤثر أيضا على الذاكرة.
3/ في حالة حدوث الإنفعالات بشكل مستمر ودائم يترتب عليه العديد من التغيرات الفسيولوجية مما يؤدي إلى حدوث تغيرات عضوية في الأنسجة وينشأ في هذه الحالة ما يسمى بالأمراض النفسية – الجسمية أو السيكوسوماتية . ومنها قرحة المعدة وإرتفاع ضغط الدم .
ووالسؤال الذي يستحق الإجابة عليه هو : كيف يمكن التغلب والسيطرة على الإنفعالات والتقليل من أضرارها . وهذا ما نتناوله في الفقرة التالية :
 
 http://www.saudipsych.org/ar/images/articles/divorce1.jpg
 
التحكم في الإنفعالات أو السيطرة عليها :
1/التعبير عن الطاقة الإنفعالية في الأعمال المفيدة . حيث يولد الإنفعال طاقة زائدة في الجسم تساعد الفرد على القيام ببعض الأعمال العنيفة . ومن الممكن أن يتدرب الفرد على القيام ببعض الأعمال الأخرى المفيدة لكي يتخلص من هذه الطاقة.
2/ تقديم المعلومات والمعارف عن المنبهات المثيرة للإنفعال . حيث يساعد ذلك على إنقاص شدة الإنفعال وبالتالي التغلب على الإضطراب الذي يحدث للأنشطة المتصلة به . فالطفل الذي يخاف من القطط مثلا يمكن مساعدته على التخلص من ذلك عن طريق تزويده ببعض المعلومات التي تقلل من هذه الحالة لديه .
3/ محاولة البحث عن الإستجابات التي تتعارض مع الإنفعال . فإذا شعر الفرد نحو شخص ما بشيء من الكراهية لأسباب معينة. عليه أن يبحث عن أسباب أخرى إيجابية يمكن أن تثير إعجابه بهذا الشخص وتغير إتجاهه نحوه.
4/ عدم تركيز الإنتباه على الأشياء والمواقف المثيرة للإنفعالات . فإذا لم يستطع الفرد التحكم في إنفعالاته عن طريق البحث عن الجوانب الإيجابية أو السارة في الشيء مصدر الإنفعال فيمكنه أن يغير إهتمامه عن هذا الشيء إلى الأشياء والموضوعات التي تساعده على الهدوء والتخلص من إنفعالاته وتوتراته.
5/ الإسترخاء : يحدث الإنفعال عادة حالة عامة من التوتر في عضلات الجسم وفي هذه الحالات يحسن القيام بشيء من الإسترخاء العام لتهدئة الإنفعال وتناقصه تدريجيا .
وبهذا نكون قد عرضنا في هذا البحث تعريف الإنفعالات وأبعادها وأنواعها والنظريات المفسرة لها ومظاهرها وكيف ترتقي وتتغير من عمر لآخر . ثم تحدثنا بعد ذلك عن فوائد وأضرار الإنفعالات وكيف يمكن التحكم والسيطرة عليها ..